قصة سيدنا يوسف بدأت من هذه الرّؤيا
فطلب منه والده أن لايخبر إخوته بما رأى وبشّره بالنّبوّة، وكان إخوة يوسف يحقدون عليه لأنّ أباهم كان يحبّه أكثر منهم فعزموا على التخلّص منه بأن يرموه في قاع البئر.
كما قال الله تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿4﴾ قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿5﴾ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿6﴾. الآيات من 4-6 من سورة يوسف.
فقام الإخوة بالإحتيال على أبيهم بأن يأخذوا يوسف ليلعب معهم، لكنّ الأب رفض طلبهم بحجّة الخوف من أن يأكله الذئب، وبعد محاورة دارت بينهم وافق الأب على اصطحابه معهم بعد أن أخذ منهم عهداً برعايته والمحافظة عليه.
عاد الأولاد في المساء وهم يبكون وأخبروا أباهم أن الذئب أكل يوسف، لكنّ يعقوب عليه السلام عرف كذبهم، وإشتدّ حزنه وبكاؤه.
وبعد أن رمى الإخوة به في البئر مرّت قافلة بجانب البئر، فلمّا ذهب أحدهم لإحضار الماء وجده في البئر، ففرحت القافلة بما وجدت، واتفقوا على أن يبيعوه في سوق العبيد في مصر. وبِيعَ بثمن قليل وإشتراه أحد أشراف مصر.
وكان لهذا الرجل زوجة صغيرة وجميلة اسمها ( زليخة ) وكانت مع مرور الأيام تزداد حبّاً وتعلّقاً بيوسف، وحاولت أن تجبره على الفاحشة لولا أن عصَمَهُ الله منها، وبعد أن انتشر خبر زوجة العزيز مع يوسف.
رأى العزيز أن يضعه في السجن حتّى يسكت الألسنة، فدخل يوسف السجن ومعه رجلان في زنزانته، وفي أحد الأيام رأى الرجل الأول في منامه أنه يعصِر خمراً، أما الثاني فرأى الطّير تأكل خبزاً من فوق رأسه. وطلبوا من يوسف تفسير ما رأوا لِما وجدوا فيه من العلم والحكمة.
قال يوسف للرّجل الأوّل: أنه سيصبح ساقي الخمر ( للملك ).
وقال للرجل الثاني: أنه سيُصلّب وتأكل الطيور من رأسه.
وقال للرجل الثاني: أنه سيُصلّب وتأكل الطيور من رأسه.
وطلب يوسف من الأول أن يخبر الملك بظلامته بعد أن يخرج. وفي أحد الأيام رأى الملك في منامه رؤيا أفزعته فجمع لأجل تفسيرها كبار المنجّمين من قومه. وأخبرهم أنه رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف. وسبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات.
وعجز المنجّمون عن تفسير الرؤيا وكان ساقي الملك يشاهد كل ماحدث. فتذكّر يوسف في السجن وأنه قادر على تفسير الأحلام فأخبر الملك بذلك.
فأرسله الملك إلى يوسف، ليفسر له هذه الرؤيا، ففسّرها وقال له: إنكم تزرعون سبع سنين يكون فيها الخير كثيراً فما تحصدونه فاتركوه في سنابله إلا ماتأكلون، ثم يأتي بعد ذلك سبع سنين شديدة يقلّ فيها الخير ثم يأتي عام يعود فيه الخير والبركة.
عاد الساقي إلى الملك ليخبره بتفسير الرؤيا، فأُعجِب الملك بيوسف وعَفَا عنهُ بعد أن ظهرت براءته ووضعه قيماً لبيت المال.
وجاءت سنوات القحط والجدب التي قال عنها يوسف وجاء الناس إلى مصر ليشتروا الحبوب، وكان إخوته من بينهم. فلمّا رآهم عرفهم وبعد أن أعطاهم مايطلبون قال لهم: في المرة القادمة أحضروا لي معكم أخاً لكم من أبيكم وإلا لن تحصلوا على الحبوب.
أخبر الأولاد والدهم برغبة القيّم على بيت المال بمصر، فسمح لهم أن يأخذوا أخاهم معهم بعد أن أخذ منهم عهداً بالمحافظة عليه، وأحضر الإخوة اخاهم الصغير معهم في المرة الثانية عند ذهابهم إلى مصر، فقام يوسف بوضع صِوَاع الملك في حوائج أخيه الصغير خفيةً. وقال أحد الحراس أن صِوَاع الملك قد سُرق! فلمّا بحثوا عنه وجدوه مع الأخ الأصغر كما خطط يوسف لذلك.
فوجد الإخوة أنفسهم في ورطة وحاولوا إستعطاف يوسف بأن يأخذ أحدهم بدلاً عن أخيهم الصغير، ولكنّه رفض أن يأخذ غيره، فعاد الأولاد ليخبروا أباهم بكل ماحصل. فطلب منهم العودة والبحث عن اخيهم الصغير وعن يوسف أيضاً.
وعندما عادوا إليه ورأى سوء حالهم، أخبرهم أنه هو أخاهم يوسف الذي رموا به في البئر عندما كان صغيراً. فاعترفوا بأنهم مذنبون تجاهه وأنهم ظلموه، فما كان منه إلا أن سامحهم، وسألهم عن أبيه، فأخبروه بسوء حاله، وفقدانه لبصره.
فأعطاهم قميصه وقال لهم ضعوه على وجه أبي وسيعود إليه بصره، وتعالوا أنتم وأهلكم إليّ أجمعون. فعادوا إلى والدهم وألقوا القميص على وجه سيدنا يعقوب عليه السلام فعاد إليه بصره. ثم حمل يعقوب أهله وبنيه وارتحل إلى مصر. واجتمع شمل الأسرة بعد تشتت وضياع وحزن.
وخرّ الإخوة والأب والخالة يسجدون، فقال سيدنا يوسف عليه السلام لأبيه: هذا تأويل رؤياي التي رأيتها عندما كنت صغيرا، وطلب يوسف من الملك أن يسمح لأهله وعشيرته بالإقامة معه في مصر، فأذِن لهم بذلك.
وهكذا كانت نهاية قصة سيدنا يوسف عليه السلام والعبرة والموعظة العظيمة منها أن الظلم مهما طال فإن الله ينصر المظلوم ولو بعد حين و هل تعلم أن الحقد والبغضاء من أسوأ الأخلاق الذميمة، فكونوا دائما متسامحين متحابّين ولا تدعوا من دون الله أحدا ولا ترجو إلا سواه سبحانه وتعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق