مدرسة الإحياء والبعث - الموسوعة العربية للمعرفة

مقالات تشمل كافة مجالات الحياة لنشر الوعي و المعرفة

اخر الأخبار

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2018

مدرسة الإحياء والبعث




أطلق النقاد عليها تسميات متوازية منها:
1- مدرسة الاحياء:
لأن الشاعر البارودي ومن يعاصره ومن أتى بعده هم الذين أعادوا للشعر العربي حياته من جانب معاينة في سائر أحوال حياة الانسان ومن جانب بنائه الفني فجددوا في الصياغة ونهجوا منهج كبار شعراء العربية.

2- البعث:
مدرسة البعث لأنها بعثت الحياة في الشعر من جديد. الاتجاه المحافظ: سمى لأنه حافظ على عمود الشعر وعلى الاوزان والقوافي وعلى قوة المبنى والمعنى. وعلى الصور العربية القديمة وعلى سلامة اللغة وأكثروا من البيان البلاغي.

3- الكلاسيكية (مترجم):
تحافظ على السالف، وتحافظ على العقلانية والالتزام بالعروض والقافية والنهج منهج أسلافهم.

4- التقليد:
احتذوا حذو القدماء في بناء الشعر، والصور والأخيلة والالتزام بعمود الشعر ولم يأتوا بجديد.

وقد بدأت هذه المرحلة ببداية التنوير الفكري للحياة والنهضة الحديثة لتنقل الأمة من الركود الفكري والظلام إلى حياة حديثة ذات نهضة قوية شاملة.

                                        عوامل الإحياء: يقوم الإحياء على ما يأتي:
1- الحركات الإصلاحية الحديثة مثل حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فقد بنت دولة وأوجدتها قوية لها تأثير في الجزيرة العربية.
2- لما بدأت الحملة الفرنسية كانت وسيلة من وسائل التواصل بالحضارة الغربية.
3- اشتداد الصلة بالثقافة الحديثة عن طريق البعوث وعن طريق المستشرقين والصحافة.
4- بدأ إحياء التراث.
5- قيام مؤسسات ثقافية مثل المطابع، والصحافة: (الوقائع المصرية ونزهة الأفكار الجوائب للشدياق).
6- هجرة عدد كبير من نصارى الشام إلى مصر وإنشاؤهم مراكز لهم.
7- الثورة الوطنية؛ لأحمد عرابي.
8- معالم النهضة الحديثة في الشام والعراق التي دعا إليها بعض الباشوات مثل مدحت باشا. وتأسست فيها بعض الصحف مثل: الزوراء في العراق، وسوريا في دمشق.

الشعر قبل ذلك أي قبل هذه المرحلة كان يعتمد على معاني سطحية قريبة المتناول بين الأصدقاء والإخوانيات، وكان وسيلة للتلاعب بالألفاظ، بعيداً عن رعاية وتشجيع السلطة ومن ثم جمد الفكر ونتيجة لذلك ظهر التلاعب بالألفاظ. ولكن ولما أطلت اليقظة الفكرية فكثير من العلماء والذين يقولون شعراً اطلعوا على الثقافة المعاصرة فبدأت تظهر هذه القضايا في شعرهم.

                                   شعراء متأثرون بالفكر المعاصر والحركة الإصلاحية:
1- ابن مشرف أخذ يقول الشعر في الحركة الإصلاحية لكن شعره يميل إلى النظم.
2- حسن العطار " مغربي ": في عهد محمد على - تأدب كثيراً - تولى مشيخة الأزهر، فهذا الرجل يقول الشعر معتمداً على المحسنات ولكننا نجد أثر الفكر في شعره نتيجة للمعاني المعاصرة والحياة المعاصرة، فالوضع تغير.
3- كذلك الحال عند صالح مجدي فهو من الشعراء الذين بدأت معالم الحضارة تنمو عندهم بقوة (من صحافة وصناعة وقضية الاستبداد والفكر).
4- محمود الساعاتي الذي استقر في الحجاز ومدح أمراءها ثم عاد إلى مصر وكان له دور في ذلك.
5- ومن أشهرهم في المعاني الحديثة وإن كان شعره ضعيفاً رفاعة الطهطاوي فقد تكلم عن فرنسا وعن حضارتها، ولديه وطنيات كثيرة، وقد ظهر فيه شيء جديد هو (المار يسيليز) الشعر الوطني في فرنسا " الأناشيد " فأخذ يقول الشعر الوطني في مصر ونظم أول نشيد وطني:
يا أيها الجنود 
والقادة الأسود 
فكم لكم حروب 
بنصركم تؤوب 
لم تثنكم خطوب 
عن اقتحام المعمع 

6- وفي الحجاز كان محمد أمين الزللي، فقد عاش في هذه الفترة والتقى بحسن العطار ومدحه، وله بعض القصائد التي تدل على فكر معاصر فيه أحداث وشعره جيد لكن قليل.

7- ومن شعراء الحجاز: إبراهيم بن حسن الأسكوبي " فقد ظهرت معالم الفكر عنده كما عند غيره، فقد وصف الطب والمعالجة، وذهب إلى بيروت، ووصف خط الحديد الذي وصل إلى المدينة المنورة في عام 1330هـ قائلاً:
سلطاننا عبد الحميد الثاني 
لزمانه فخر على الأزمان 
فليحقق خط الحديد مسيره 
لدنوه ووصوله لعمان 

وله قصيدة من أشهر القصائد هي قصيدة (يا آل عثمان) ينعى على الدولة سوء استخدامها للولاية، ويمدح صاحب الإلياذة سليمان البستاني ومنهم محمد بن عثيمين في نجد ومنهم محمود شوقي الايوبي في الكويت، ومحمد الخليفة العيد في الجزائر، وفي المغرب العربي محمد الفاسي، ومصطفى المعداوي، ومن تونس أبو القاسم الشابي ومن لبنان إبراهيم اليازجي، وأمين الريحاني، ومصطفى الغلاييني ومن سوريا خليل مردم بيك، وخير الدين الزركلي، وشفيق جبري، وعمر أبو ريشة، ومن العراق الشيبي والرصافي والزهاوي، والنجفي، ومن اليمن محمد الزبيري وزيد على الموشكي، والبردوني ومن السودان الهاشمي ومن البحرين إبراهيم العوضي. هؤلاء هم بذور معالم النهضة الشعرية ولكن هذه النهضة جاءت برائدها الأول.

محمود سامي البارودي: (1255 - 1332):
وهو شركسي ينتمي للمماليك، نشأ يتيماً وعمره سبع (7) سنوات، تعلم في بيته ثم التحق بالمدرسة الحربية وتخرج منها (1854)، ولم يجد عملا، فعكف على كتب الأدب فقرأها وخاصة في العصور المتقدمة، ثم أخذ يقلد الشعراء ويعارضهم، بل إنه جمع مختارات من أشعارهم تدل على حسن اختياره وذوقه ورغبته في التجديد، ومع ذلك فهو لم يتعلم العروض ولم يدخل الأزهر، فمثله مثل الشاعر الجاهلي، ثم سافر إلى الأستانة، والتحق بوزارة الخارجية وتعلم الفارسية والتركية، ولما تولى اسماعيل الخديوي، ضمه إلى حاشيته والتحق بالجيش، وترقى في مناصبه وحارب في جزيرة كريت، عُين محافظاً على القاهرة ثم وزيراً للأوقاف في عهد توفيق، ثم رئيساً للوزارة، ثم انضم إلى ثورة عرابي فنفى إلى سرنديب، وبقى فيها ما يقرب من عشرين عاماً نظم فيها الكثير من شعره، ثم عاد إلى مصر ولم يلبث طويلاً ثم مات ومن شواهده:
أبيت في غربةٍ لا النفسُ راضيةٌ 
بها ولا الملتقى من شيعتي كثبُ 
لكل دمع جرى من مقلةٍ سببُ 
وكيفَ يملكُ دمعَ العينِ مكتئبُ 
فهل دفاعي عن ديني وعن وطني 
ذنبُ أُدان به ظلماً وأغتربُ 
فلا يظنُ بي الحسادُ مندمةً 
فإنني صابر في الله محتسبُ

ومن خصائص شعره:
1- اتخذ الأسلوب المحافظ المشرق منهجاً له.
2- المعاني والأغراض مستمدة من روح العصر الذي عاش فيه والأحداث المعاصرة، وقد تنوعت موضوعات الشعر عنده وتحدث عن القضايا الوطنية.
3- الصور والأخلية مستمدة من التراث.
4- نأي بشعرة عن المحسنات البديعية والتلاعب بالألفاظ والسرقات وعن الأحاجي.
5- أعتمد على اللفظة القريبة السهلة المتناول.
6- رجع بالشعر إلى إشراقه وحسنه وجماله الفني.
7- كما امتاز بأنه يأتي باللفظة المناسبة للمعنى

يلحق به شاعر آخر هو: إسماعيل صبري: (1854 - 1923):
درس الابتدائية في مدرسة الألسن، أتقن الخط، درس التركية والفرنسية، ابتعث إلى فرنسا ودرس القضاء والحقوق، عين نائباً عمومياً، ثم محافظاً للإسكندرية، ووزيراً للعدل، شاعر مطبوع، تكثر عنده المقطعات له مقطعات شعرية جيده بعيدة عن القصائد الطويلة، ابتعد بشعره عن المقام السياسي والقومي لمكانته السياسية فاتجه اتجاهاً غزلياً رقيقاً يميل فيه إلى المرأة والزهور والعطور دون تفحش أو ابتذال، وله قصائد روحانية وابتهالية، ومدائح لله وفي رسوله صلى الله علية وسلم.

وميزته: أنه نأى عن المحسنات البديعية، والتلاعب بالألفاظ، وعاد باللفظة المشرفة اللطيفة الرقيقة.

وهناك من ينقده ويقول: إن الشعر عنده ليس جيداً ولكن متوسط بين الشعراء وعلى كل فإنه يأتي في الدرجة الثانية بعد البارودي.

عائشة التيمورية: (1840 - 1902):
من عائلة محمود تيمور، وهي عائلة قوية تعلمت الشاعرة اللغات، وقالت الشعر وهي صغيرة، وتثقفت ثقافة عالية، دخل شعرها الفكر المعاصر والنهضة الحديثة، نأت بشعرها عن الزخرف اللفظي، ولها مرثية رائعة في ابنتها.
ظهر في العراق الكاظمي، وغيره كثير في سوريا ولبنان والأقطار العربية.

مرحلة التطور:
لقد قدمنا سابقاً أن البارودي استطاع أن يستشف من اللغة العربية أسلوبا مشرقاً، وطريقة جديدة في الشعر، عاد بها إلى مرحلة النضج الشعري. وبعد أن خطى الأدب خطوات واثقة نحو التقدم والتطور، أصبحت هناك ما يسمى بمرحلة التطور والرقي والتي من أهم عناصرها:
1- ظهور اليقظة الفكرية: وجد العرب أنفسهم أمه أمية، والتعليم كان قليلاً ومحصوراً في المدن، وكان يميل إلى الجمود وتكرار السابق. ولما بدأ التواصل مع الغرب والنزاع الداخلي مع الدولة العثمانية، وكان العرب يتمنون أن يكون هناك نداء ينادي إلى التجديد، وكانت طبيعة الشعراء ترنوا إلى ذلك، إذ الشاعر مرهف الإحساس يحس بنسمات الخير التي تقدم من بعيد كل ذلك كان يجلية الشاعر العربي في شعره في تلك الفترة - بعد البارودي، إذ هزت هذه الرياح العاتية القادمة من الخارج ومن الداخل أيضاً وكانت أشبه ما تكون بزوبعة دار فيها الشاعر في حلقة يحركها، فأتت اليقظة إلى العالم الإسلامي، وتحول الشعراء إلى دعاة لها، حتى أولئك الشعراء المادحون، صاروا يمدحون ممد وحيهم بهذا التجديد، وكأن هذه شكوى لهم.

2- العودة إلى التراث: وهذه العودة إلى التراث تجلت حين رأى البارودي ضعف الشعر العربي في عهده، ولذلك فإن كثيراً من الشعراء بعده عادوا إلى التراث عودة قوية، انطلقوا منها مرة أخرى نحو سماء الإبداع والتألق في كافة الميادين.

3- الانفتاح على الثقافة الغربية: ووسائل هذا الانفتاح متعددة مثل: المذياع، البعثات، الصحف، الانتقال إلى أوروبا، فنجد أن المثقفين من الشعراء استلهموا هذه الثقافة فكان منهم من انخدع بها ودعا إليها، ومنهم من رفضها رفضاً تاماً، ومنهم من حاول الأخذ مهنا ولكن باعتدال.

4- التواصل مع المذاهب الغربية، ونتيجة لهذا حدثت هناك خصوصية للشعر، وهي تواصل الأدباء والصحافة مع الثقافة الغربية، فظهرت مدرسة الديوان ثم جماعة (أبولو)، وهناك الصحافة التي ساعدت على ظهور هذه المذاهب، فتبنت الترجمة، بل والنشر لهذه الإبداعات الجديدة وهذه المذاهب الجديدة على الأدب العربي. فأخذ الأدباء يترجمون تلك النماذج كجبران خليل جبران، ومطران خليل مطران.. وأكثر هؤلاء من اللبنانيين الذين دعوا إلى القومية.

5- مناهضة الاستعمار: لما جاء الاستعمار إلى البلدان العربية، نهض الشعر وكان له دور فعال في مناهضة الاستعمار والدعوة إلى الجهاد ضد العدو الأجنبي، وحين نعود قليلاً إلى مصر في ذلك الزمان الذي كانت فيه محتلة فإننا نجد شعراً غريزاً وقوياً، بل وهناك شعراء ناصروا الاستعمار كأحمد نسيم الذي كان يمدح المستعمر بقصائد متعددة، أما أحمد شوقي فقد التزم الصمت وكان بعض الأحيان يمدح مجاملة للخديوي توفيق، والفرق بينه وبين أحمد نسيم هو أن أحمد نسيم كان معجباً بالاستعمار بينما كان شوقي لا يجد فرصة لهجائهم إلا انتهزها ومدحه لهم كان مداهنة للخديوي، لأنه من حاشيته، ولذا فإن أحمد شوقي عندما نفي صرح بهجائهم.

ونجد العالم الإسلامي والعربي شديد المعارضة والمناهضة للاستعمار، ففي العراق ينطلق شعر الرصافي معلنا الثورة على الاستعمار، بينما نجد الزهاوي يميل له بعض الشيء.

6- الصراع الفكري: ظهر حين برزت العوامل السابقة للصراع الفكري، ومن يقرأ شعر شوقي وحافظ ومحرم. وغيرهم من شعراء العرب في تلك الحقبة يرى أن شعرهم يمثل الصراع الفكري بجميع ألوانه.

ونتيجة لهذه الأمواج المتلاطمة المتزاحمة أنتج لنا المدارس الأدبية، ولذا ظهرت مدارس منها: المحافظين والديوان، وأبولو. وهي تمثل الاتجاهات الشعرية في تلك الفترة.

شعراء الإحياء:
هم من أقتفى أثر البارودي؛ بعودتهم إلى مناهل الشعر العربي والبعد عن تقليد الشعر العابث، فقد عادوا إلى اللغة العربية الصافية، والتعبير المشرق بأسلوب فصيح عما في عصرهم. فقد أخذ الشعر يعبر عن العصر الجديد، وينبع من أحاسيسهم، وبرز شعراء كثر مثل: (الزهاوي، ابن عثيمين، جبران خليل، مطران خليل، وحافظ، شوقي، معروف الرصافي...) وهؤلاء استلهموا فكر الأمة وصراعها الفكري والحربي، وظهرت عندهم التجارب الشعرية الذاتية المتلبسة بالمشاعر الداخلية. واستلهموا أحداث العالم الإسلامي، وتحدثوا عن الخلافة. وأغلبهم يؤيدها. ولشوقي ومحمد عبد المطلب وحافظ شعر كثير ينادون بها. وفي المقابل كان من هؤلاء من يهجوها كالزهاوي وشعراء النصارى.

وظهرت الحرب الفكرية والصراع بين العامية والفصحى في الشعر، وتحدثوا كثيرا عن القضايا الأخلاقية والدعوة إلى التطور الاجتماعي، كالأخذ بأسباب الرقي، إلى جانب القضايا العربية كالدعوة إلى الفرعونية في مصر، والي الفينيقية في الشام والدعوة إلي السفور أو التزام الحجاب والحديث عن المساوئ السلوكية إلي غير ذلك. وظهر الحديث عن القضايا الإصلاحية كابن سحمان من شعراء الدعوة في نجد وابن عثيمين، وأخيراً فإنهم استلهموا أحداث تلك الفترة، فكان الشعر من أمضى أسلحة النضال، وجهازاً يسجل كل ما دار في هذا العصر.

الخلافة والوحدة الإسلامية: الذين خالفوا الخلافة كانوا يريدون النقد الإصلاحي، ومن تعلق بها فكان يرى أنها رمز للوحدة الإسلامية، أما الشعراء النصارى فكانوا يريدون سقوطها، ويقول أحمد محرم في الخلافة:
يا آل عثمان من تُركٍ ومن عربٍ 
وأي شعب يساوي الترك والعربا 
صونوا الهلال وزيدوا مجده عِلماً 
لامجد من بعده إن ضاع أوذهبا 

قال أحمد شوقي في الخلافة العثمانية عام 1238هـ- 1910م:
صَدَقُوا الخَلِيَفةَ طَاعَةً ومَحَبَّةً 
تَمسَّكُوا بالطُّهْرِ مِنْ أَذْيَالِهِ 
يجدون دَوْلتَكَ الَّتي سَعِدُوا بِهَا 
مِنْ رَحْمَةِ المَوْلَى ومِنْ إفْضَالِهِ 
جَدَّدتَ عَهْدَ (الرَّاشِدين) بِسِيرَةٍ 
نََسَجَ (الرَّشَادُ) لَهَا عَلَى مِنْوَالِهِ 
بُنِيَتْ عَلَى الشُّورَى كصَالِح حُكْمِهِم 
وعَلَى حَيَاةِ الرَّأْي واسْتِقْلاَلِه 
حَقٌّ أَعزَّ بِكَ المُهَيْمِنُ نَصْرَهُ 
والحَقُّ مَنْصُورُ عَلَى خُذَّالِهِ 
شَرُّ الحُكُومَةِ أنْ يُسَاسَ بِوَاحِدٍ 
فِي المُلْكِ أَقْوَامُ عِدَادُ رِمَالِهِ

ويقول حافظ:
وردوا على الإسلام عهد شبابه 
ومدّوا له جاهاً يرجى أو يرهبُ 
أسود على البسفور تحمي عرينَها 
وترعى نيام الشرق والغرب يرقبُ 

ويصور حافظ الحرب مع إيطاليا في ليبيا:
كبلوهم قتَّلوهم مثلوا 
بذوات الخدر طاحوا باليتامى 
أحرقوا الدور واستحلوا كل ما 
حرم (لاهاي)، في العهد احتراما 
ذبحوا الأشياخ والزمني ولم 
يرحموا طفلاً ولم يبقوا غلاماً 
بارك المطران في أعمالهم 
فسلوه بارك القوم علاما؟ 
أبهذا جاءهم إنجيلهم 
آمراً يلقى على الأرض سلاما 

ويقول أحمد شوقي:
يا قوم عثمان والدنيا مداولة 
تعاونوا بينكم يا قوم عثمانا 
كونوا الجدار الذي يقوي الجدار به 
فالله قد جعل الإسلام بنيانا 
هل ترحمون لعل الله يرحمكم 
بالبيد أهلاً وبالصحراء جيراناً 

وهم قد استلهموا القضايا الاجتماعية وابدوا آراءهم يقول حافظ إبراهيم:
أنا لا أقول دعوا النساء سوافراً ♦♦♦ بين الرجال يلجن في الأسواق

ويقول الشيبي العراقي:
صوني جمالك بالبراقع إنها ♦♦♦ ستر الحسان ومظهر الحسنات

ويقول الرصافي ذائدا ًعن الدين حين شُتم الدين وقيل: أنه سبب التخلف:
وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله ♦♦♦ فماذا على الإسلام من جهل مسلم

يصور الشاعر محمود غنيم حال الامة الإسلامية ويدعوهم إلى التلاحم في قصيدة بعنوان "وقفة على طلل" عام 1355هـ- 1935م:
مالي وللنجم يرعاني وأرعاه؟ 
أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه 
لي فيك ياليل آهات أرددها 
أواه لو أجدت المحزون أواه 
لا تحسبني محبا يشتكي وصبا 
أهون بما في سبيل الحب ألقاه! 
إني تذكرت والذكرى مؤرقة 
مجداً تليداً بأيدينا أضعناه 
أنى أتجهت إلى الإسلام في بلد 
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه 
ويح العروبة! كان الكون مسرحها 
فأصبحت تتوارى في زواياه 
كم صرّفتنا يد كنا نصرفها 
وبات يملكنا شعب ملكناه 
كم بالعراق، وكم بالهند ذو شجن 
شكا، فرددت الأهرام شكواه!! 
بني العمومة، إن القرح مسكمو 
ومسَنا، نحن في الآلام أشباه 
يا أهل" يثرب " أدمت مقلتي يد 
بدرية تسأل المصري جدواه 
الدين والضاد من مغناكم انبعثا 
فطبقا الشرق: أقصاه وأدناه 
لسنا نمد لكم أيماننا صلة 
لكنما هو دين ما قضيناه

أشهر شعراء مدرسة الإحياء:
أحمد شوقي: (1868 - 1932)[5]
شاعر الأمة العربية والإسلامية ولقب بأمير الشعراء، جمع شعره ومسرحياته في عشر مجلدات.

شعره سجل لحياة الأمة الإسلامية بل لحياة الأمم في الشرق، فهو استمد من التاريخ وحكى قيام كثير من الدول التي حكمت العالم أو تشاطرت حكمه ومثل صراعات الحضارات القديمة والحديثة، وشعره سجل للحراك السياسي المعاصر فقد عاصر الخلافة العثمانية، ودعا إلى مؤازرتها ثم تألم لسقوطها، وكذلك هجا كمال أتترك الذي أسقطها وسلب الأتراك مكانة عظيمة ومن مفارقة الزمن أن يظل رمز للأتراك يقدسونه إنها مأساة الشعوب المتخلفة ولم يكن هتلر رمزاً لألمانيا وكلاهما مستبد ظالم.

(1) وأحمد شوقي عاصر قضايا التطور الحديث وعاصر الاستعمار وحروبه وبناء الجامعات وعاصر الثورات ضد المستعمرين وتحدث عن كل ذلك فكان لسان العربي والإسلامي، وشعره يزخر بالبلاغة العربية وبيانها، وتتألق فيه الصور الشعرية، ويتلفع بالحماسة الوطنية وهو يمثل الاتجاهات الاسلامية والعربية والوطنية والفرعونية أنه شاعر القص العربي والمسرحيات الشعرية، فهو منسق ألوانها ومبدعها وقد ألفت عنه كثير من الكتب وألفت حوله الابحاث والرسائل الجامعية.

حافظ إبراهيم: (1872م وتوفي 1934م)
ولد في (ذهبية) قرية في مصر، ومات والده وحافظ في سن الرابعة من عمره، فكفله خاله، وأدخله المدارس، وحدثت بين حافظ وبين خاله جفوه، ثم التحق بالمدرسة العسكرية، وذهب إلى السودان ثم رجع إلى مصر، وفصل من عمله، وأخذ يقول الشعر الاجتماعي، ويناهض الاستعمار ووظفه الإنجليز في دار الكتب، وبذلك ملئوا فاه بهذا المبلغ الذي يتقاضاه، وفي هذه الفترة لم يقل شعراً اجتماعياً، وفي عام 1932م أحيل إلى التقاعد وفيها مات. خلف ديوان شعر جيد، ومن أشهر شعره قصيدته على لسان العربية وقصيدته العمرية، وكان حافظ من أنصار محمد عبده، وكان يجالسه كثيراً، وكذلك قاسم أمين، وهو صديق لشوقي ينشد شعره في المحافل.

محمد بن عبد المطلب:
ولد عام 1871، وينتمي إلى أسرة عربية من جهينة، كان أبوه متصوفاً، درس محمد في الأزهر وتخرج في دار العلوم، ومات 1931م، وكان يتزيى بزي الأعرابي، وشعره إعرابي، ويوغل في العربية.

أحمد محرم:
صاحب الإلياذة الإسلامية، ولد في مصر عام 1877م، تلقى مبادئ العلوم في البلدة، وتثقف في الأزهر، سكن (دمنهور) وعاش يتكسب بالأدب ونشره، وهو معروف بميوله الوطنية، توفي عام 1945م، وشعره وطني إسلامي، حاول أن يكون ناصحا للخلافة الإسلامية.

على الغاياتي:
ولد عام 1885م في أسرة متوسطة ثم انتقل إلى القاهرة، وعمل في الحزب الوطني، وكان في الصحافة وحوكم بتهمة المداهنة ضد الخديوي، وسافر إلى الأستانة ثم إلى باريس حيث أصدر مجلة، ثم عاد إلى مصر عام (1937م) وتوفي بمصر.

المدارس الأدبية الحديثة:
ونتيجة للاحتكاكات الفكرية الكثيرة التي ظهرت بعد البارودي فقد تعددت المدارس الشعرية فظهرت مدرستان كبيرتان هما:
(1) مدرسة المحافظين.
(2) مدرسة المجددين وتشمل: (الديوان، ومدرسة أبولو).

(1) مدرسة المحافظين:
وهم الذين جاءوا في الصدارة بعد البارودي واستطاعوا النهوض بالشعر نهوضاً قوياً من جوانب مختلفة، ويسمونها تارة بمدرسة الإحياء، أو المقلدين، وتارة بمدرسة البعث.

المضمون:
تعددت الأغراض الشعرية فشملت أغراضاً وقضايا مهمة في الحياة. وهي قضايا عامة تهم الإسلام والأمة العربية، إضافة إلى القضايا الذاتية التي تعبر عن نفسية الشاعر وأحاسيسه، والقضايا الاجتماعية الداخلية لكل إقليم أو قطر أو وطن. فالشعر لم يكن حصراً على موضوعات خاصة، فأصحاب هذه المدرسة هم الذين انتشلوا الشعر ورفعوا مكانته إلى هذه الموضوعات والأغراض المتعددة.

ولا شك أنهم تأثروا في مضامينهم وأغراضهم بالأغراض الشعرية للشعر العربي، ولكن لا عيب في ذلك؛ لأن الشعر العربي على مر العصور أخذ يمثل الفكر العربي المعاصر له، فإن كان الفكر حياً كان الشعر حياً، وإن جمد الفكر كان الشعر جامداً. فمدرسة المحافظين جاءت في مرحلة قوية متصارعة، وقد تشكل هذا الصراع في شعر تلك المرحلة.

فيحس شعراء الإحياء في البلاد العربية بالنبض الاجتماعي، فتارة يثورون مع الثائرين وتارة مع المصلحين، وتارة يبكون الفقراء المدقعين ويمثل ذلك في العراق الشاعر معروف الرصافي الذي يقول في قصيدة المشهورة (الأرملة المرضعة):
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها 
تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها 
أثوابها رثة والرجل حافية 
والدمع تذرفه في الخد عيناها 
بكت من الفقر فاحمرت مدامعها 
واصفر كالورس من جوع محياها 
الموت أفجعها والفقر أوجعها 
و الهم أنحلها والغم أضناها 
فمنظر الحزن مشهود بمنظرها 
والبؤس مرآه مقرون بمرآها 
كرُ الجديدين قد أبلى عباءتها 
فانشق أسفلها وأنشق أعلاها 
ومزق الدهر، ويل الدهر، مئزرها 
حتى بدا من شقوق الثوب جنباها 
تمشي بأطمارها والبرد يلسعها 
كأنه عقربٌ شالت زباناها 
حتى غدا جسمها بالبرد مرتجفاً 
كالغصن في الريح واصطكت ثناياها 
تمشي وتحمل باليسرى وليدتها 
حملا على الصدر مدعوماً بيمناها 
ما أنس لا أنس أني كنت أسمعها 
تشكو إلى ربها أوصاب دنياها 
تقول يارب! لاتترك بلا لبن 
هذي الرضيعة وارحمني وإياها 
يارب! ماحيلتي فيها وقد ذبلت 
كزهرة الروض فقد الغيث أظماها 
ما بالها وهي طول الليل باكية 
والأم ساهرة تبكي لمبكاها 
يكاد ينقد قلبي حين أنظرها 
تبكي وتفتح لي من جوعها فاها 
و يلمها طفلة باتت مروعة 
وبت من حولها في الليل أرعاها 
تبكي لتشكو من داء ألم بها 
ولست أفهم منهاكنه شكواها 
كانت مصيبتها بالفقر واحدة 
وموت والدها باليتم ثناها 

من الناحية الفنية:
فإنهم نهجوا منهج القصيدة العربية القديمة المشرقة، ويرجع الفضل لهم في انتشال الشعر العربي من التلاعب بالألفاظ والعناية بالزخرفة اللفظية، فهم لم يلحوا على المحسنات البديعية ومظاهرها وألوان الشعر التشجيري والهندسي وغيره. بل لهم الفضل في إماتة هذه الألوان، والعودة بالشعر إلى فصاحة الألفاظ والأسلوب المشرق القريب التناول. وقد نهجوا منهج القصيدة من حيث: (البناء، والوزن، وتعدد الأغراض والموضوعات). والتزموا بالأوزان الشعرية، وقد حاولوا أن يكتبوا القصيدة التي تقوم على مقاطع، لاسيما في القصائد المطولة كما فعل أحمد محرم في " الإلياذة الإسلامية " وظهر عندهم الشعر القصصي، واشتركوا مع غيرهم في هذا اللون. وهو واضح في شعر شوقي، وحافظ، والرصافي. وظهرعندهم المسرحيات الشعرية التي بدأها خليل اليازجي في مسرحيته (المروءة والوفاء) التي بلغت ألف بيت، وذلك عام (1876م)، ثم ألف عبدا لله البستاني خمس قصص (مسرحيات)، وكذلك محمد بن عبد المطلب الذي ألف كثير من القصص الشعري عام 1909 م متجهاً إلى الرواد في الأدب العربي، فجعل منها (امرئ القيس) وأخرى في (المهلهل بن ربيعة). وأسلوبه قوي، وألفاظه جيده، إلا أن شعره أقوى مما يراد للشعر القصصي من الليونة والتدفق، فأسلوبه أسلوب الشعراء الأعراب ذلك الأسلوب القوي الغليظ. أما أحمد شوقي فله بدايات ضعيفة في المسرح الشعري كمسرحية (علي بيك الكبير) ثم تلاها بمسرحية (قمبيز) وهي ضعيفة كذلك. لكن لما جعل له تكريم في إمارة الشعر العربي كان مما أخذ عليه في ذلك المحفل أنه لم تكن له باع طويلة في هذا الشعر المسرحي فنظم مسرحيته (مصرع كيلوبترا)، وكانت جيدة، فثنى بها (مجنون ليلى) و(عنترة) وبذلك عدوه رائداً للشعر المسرحي. ويشترك معه عزيز أباظه في ذلك، إذ له مسرحيات شعرية، وهو صاحب شعر قوي متدفق وشعره غنائي، ومسرحياته الشعرية جعلها في الموضوعات الإسلامية أو العاطفية مثل (قيس لبنى) و(عبد الرحمن الناصر)، وله مسرحية عاطفية (أوراق الخريف). ومن شعراء المسرحية محمود غنيم له مسرحيه (المروءة المقنعة) و(غرام يزيد ). وعلي أحمد باكثير أشتهر بمسرحياته وعلي عبد العظيم فالمحافظون استوعبوا المضامين كلها، وأتوا بالجمال الفني مع القدرة البيانية، فاتصل شعرهم بالذاتية، وناقش قضايا الوطن.

والقضايا الاجتماعية. كما اهتموا بالجانب الفني من حيث كون الصياغة قوية، وفيها جمال بلاغي، وتلتزم بالموسيقى العربية، وتكون ألفاظها فصيحة وعربية.

وأخذ الدكتور أحمد هيكل تناولهم للغزل، فهم يتغزلون على شاكلة غزل المتقدمين فيبدؤون قصائدهم بالغزل ويذكرون الأماكن القديمة في شعرهم، فهم بذلك لم يمثلوا عصرهم. وأخذ عليهم - أيضا - أن التنويع في الموسيقى قليل عندهم إلا في المطولات القصصية، وبهذا يكونون - كما يقول الدكتور أحمد هيكل - قد وقفوا بالشعر إلى المرحلة التي جمد عليها.

وعاب النقاد قولهم في المحافل؟ قد رأينا أن الشعر قبل هذه المرحلة لما انقطع عن المناسبات ضعف، لأن قربه من السلطان يزيده قوه، وقد رأينا كيف قوي شعر شوقي حين قرب من السلطان وكان يتغنى في محافله بل أن الشعر يندفع في مناسبات تقتضيه، ويكون تعبيراً عن العاطفة والإعجاب والتقدير، وهذه الأحداث والوقائع المتتالية - أي المناسبات - هي التي يكون الشعر فيها قوياً وجيداً. وحين عاب العقاد على شوقي بأن شعره (شعر مناسبات) وجدنا أن المشتهر هو شعر شوقي، بل أن للعقاد خمسة دواوين لم تشتهر اشتهار خمس قصائد لشوقي، لما يمتاز به شعر شوقي من بلاغة وفصاحة وعاطفة، ومعالجة الموضوعات التي تهم الأمة.

والشعراء الرواد من مدرسة الأحياء الذين حافظوا على عامود الشعر وبناء اللغة واستلهموا ألوان البلاغة العربية فقد عايشوا هموم الأمة العربية، واستذكروا تاريخها المجيد، وتلبسوا بالإيمان الخالد المنقذ ورفعوا راية الإسلام بقناعة عقلانية ووجدان يفيض حباً.

وشعر شوقي يمثل الأغصان الباسقة والثمار التي يجنيها الإنسان وهذه قصيدته (نهج البردة) التي استهلها بقوله:
ريمٌ على القاع بين البان والعلمِ ♦♦♦ أحلَّ سفك دمي في الأشهر الحُرمِ

وهي طويلة في مئة وتسعين بيتاً ومنها يقول:
آياتُه كُلَّما طالَ المَدَى جُدُدٌ 
يَزِيُنهُنَّ جَلاَلُ العِتْقِ والقِدَم 
يَكادُ في لَفْظَةٍ منه مُشَرَّقةٍ 
يُوصِيكَ بالحَقِّ والتَقوَى وبالرَّحَم 
بكُلِّ قولٍ كَرِيمٍ أَنتَ قائلُهُ 
تُحْيي القلوبَ وتُحْيي مَيّتَ الهِمَم 
سَرَتْ بشائِرُ بالهادي ومُوْلِدِهِ 
في الشرق والغربِ مَسْرَى النورِ في الظُّلَم 
تَخَطفَتْ مُهَجَ الطاغِينَ من عَرَبٍ 
وطَيَّرَت أنْفُسَ الباغينَ من عَجَم ِ 
رِيعَتْ لها شُرَفُ الإيوانِ فانصَدَعَت 
من صَدمة الحقِّ لا من صَدْمَةِ القُُدُم 
أتيتَ والناسُ فَوْضَى لا تَمرُّ بِهِمْ 
إلاَّ على صَنَمٍ قد هامَ في صنم 
والأرضُ مملوءةٌ جَورا ً مُسَخَّرَة 
لكلِّ طاغَيةٍ في الخَلْقِ مُحْتَكِمِ 
مُسَيْطِرُ الفُرْسِ يَبْغي في رعيَّتِهِ 
قَيْصَرُ الرُّوم من كِبْرٍ أصَمُّ عَمِ 
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللهِ في شُبَهٍ 
ويَذبَحانِ كَمَا ضَحَّيتَ بالغَنَمِ 
والْخَلْقُ يفتِكُ أَقواهُمْ بأَضعَفِهمْ 
كاللَّيْثِ بالبُهْمِ أو كالحُوتِ بالغَنَمِ 
أسْرَى بكَ اللهُ لَيْلاً إذ مَلائكُةُ 
والرُسْلُ في المسجدِ الأقصى على قَدَمِ 
لَمَّا خَطَرْتَ بِهِ التَفُّوا بسِّيدِهِمْ 
كالشُّهْبِ بالبَدرِ أو كالجُندِ بالعَلَمِ 
صلَّى وراءكَ منهمْ كلُّ ذي خَطَرٍ 
ومَن يَفُزْ بِحَبيبِ الله يأتَمِمِ

استهدف الغرب ممثلاً بأوروبا ولا سيما بريطانيا وفرنسا العالم الإسلامي في بداية القرن الماضي وشطروا العالم الإسلامي إلى دويلات متناحرة وزرعوا بذور الخلاف والفرقة التي مازالت إلى اليوم ونحن الآن وبعد قرن من الزمان نعاني ما عانى منه أسلافنا فالغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تغزوا بلادنا، وتمزق أوطاننا، وتحي جذور المذهبية التي هي سيف الاختلاف والفرقة وها هي تمزق العراق، وتمزق فلسطين نسأل الله أن يوقف زحفها: ويمثل هذه الظلمات الشاعر أحمد شوقي في قصيدة في الذكرى السابعة عشرة لوفاة مصطفى كامل سنة (1925م):
صلَّى وراءكَ منهمْ كلُّ ذي خَطَرٍ 
ومَن يَفُزْ بِحَبيبِ الله يأتَمِمِ
إلامَ الخُلْفُ بَيْنَكُمُ إِلاَ مَا 
وهَذِي الضَّجَّةُ الكُبْرى عَلاَمَا 
وفِيمَ يَكيد بَعضُكُم لِبَعْضٍ 
وتُبْدُونَ العَدَاوَةَ والْخِصَامَا 
وأَيْنَ الفَوْزُ لا مِصْرُ اسْتَقرَّتْ 
عَلَى حَالٍ ولاَ السُّودَانُ دَامَا 
وأَيْنَ ذَهَبْتُمُ بالحَق لَمَّا 
رَكِبْتُمْ فِي قَضِيَّتِهِ الظَّلاَمَا 
لَقَدْ صَارَتْ لَكُمْ حُمَماً وغُممَاً 
وكَانَ شِعَارُهَا الموْتَ الزُّؤامَا 
و َثِقْتُمْ واتّهَمْتمْ في اللَّيَالِي 
فَلاَ ثِقَةً أَدَمْنَ ولاَ اتِّهَامَا 
شَبَبْتُمْ بَيْنَكُمْ فِي القُطْرِ نَاراً 
عَلَى مُحْتَلِّهِ كانَتْسَلاَمَا 
إِذَا مَا رَاضَهَا بالعَقْل قَوْمٌ 
أَجدَّ لَهَا هَوَى قَوْمٍ ضِرَامََا 
ترَامَيْتُمْ فَقَالَ النَّاسُ قَْومٌ 
إلَى الْخِذْلاَنِ أَمرُهُم تَرَامَى 
فأُبْنَا بالتَّخَاذُلِ والتَّلاَحِي 
وآبَ بِمَا ابْتَغَى مِنَّا ورَامَا

وشعر أولئك الرواد يمثل الأصالة العربية، فالفكر والمضامين مستمدة من الواقع العربي والإسلامي وهذه مشاركة من المبدع لدينه وأمته يشاطرهم همومهم ويصدح بإراداتهم ويتمنى أمانيهم، فالشاعر لسان الفرد ولسان الأمة.

وشعرهم يتمثل فصاحة المفردة اللفظية ومعيارية التراكيب وتلاحم السياق، وتوظيف القيم البلاغية لترسم القيم الدينية والعقلانية والإنسانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق