السجع هو :
توافق الحروف الاخيـرة في مواضع الوقف من النثر/الخاطرة /الرسالة .
فالنفس تستريح إلى هذا التوافق إذا جاء بدن تكلف .
والسجع كلؤلؤ ترصع به رسائلك, فلا تكثر منه فتتكلف, ولا تنقص منه فتتخلف
وهو أفضل الأنواع التي تتلذذ به الأسماع, ولهذا قالوا : ( ما أحسن الأسجاع, وما أخفها على الأسماع )
وقيل . الأسجاع من النثر, كالقوافي في الشعر .
واليكم الامثلة للتوضيح اكثر :
(1) قال صلى الله عليه وسلم:
"اللهمَّ أعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وأعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً".
(2) وقال أعرابي ذَهَبَ بابنه السَّيْل:
اللهُمَّ إنْ كنْتَ قَدْ أبْلَيْتَ، فَإنَّكَ طَالَمَا قَدْ عَافَيْتَ.
(3) الحُرُّ إذَا وَعَدَ وَفَى، وإِذَا أعَانَ كَفَى، وإِذَا مَلَكَ عَفَا.
البحث:
إذا تأملت المثالين الأولين وجدت كلاًّ منهما مركباً من فِقْرتَين متحدتين في الحرف الأَخير، وإذا تأَملت المثال الثالث وجدته مركباً من أكثر من فقرتين متماثلتين في الحرف الأَخير أيضاً، ويسمى هذا النوع من الكلام سجعا . وتسمى الكلمة الأخيرة من كل فقرة فاصلة، وتُسكَّن الفاصلةُ دائماً في النثر للوقف.
وأَفضل السجع ما تساوت فِقَرُه، ولا يحسنُ السجعُ إلا إِذا كان رصين التركيب، سليماً من التكلف، خالياً من التكرار في غير فائدة. كما رأَيت في الأمثلة.
القاعدة:
السَّجْعُ تَوَافُقُ الْفَاصِلَتَيْن في الْحَرْفِ الأخِير ، وأَفْضَلهُ ما تسَاوَتْ فِقَرُهُ.
اما الجناس فهو :
تشابه لفظين في النطق واختلافهما في المعنى, أو تشابة كلمتين أو أكثر في اللفظ دون المعنى, وسمي بالجناس للتجانس الظاهر في رسم الكلمتين
وقال ابن الأثير : هو اتفاق اللفظ واختلاف المعنى ..
والجناس نوعان : جناس تام, وجناس ناقص
الجناس التام:
ما اتفق فيه اللفظان المتجانسان في أمورأربعة:
1- نوع الحروف،
2- وعددها،
3- وهيئتها،
4- وترتيبها مع اختلاف المعنى،
كقوله تعالى: " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة "فالساعة الأولى: يوم القيامة،
والساعة الثانية: ما نعرفه من الزمان.
وقال تعالى :
" يكادُ سنا برقه يذهبُ بالأبصار ، يقلبُ الله الليلَ والنهار إنَّ في ذلكَ لعبرةً لأولي الأبصار"
- ومن الأمثلة الشعرية قول الشاعر :
فدارِهم مادمت فيدارهم ....وأرضِهم مادمت في أرضهم .
و(حيّهم) مادمت في حيّهم .
وقال صلى الله عليه وسلم : (اللهم كما حسنت خلقي , حسن خلقي)
أما الجناس الناقص فأنواع متعددة :
واقرأ معي قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .
فاختلفت الكلمتان ناضرة وناضرةبحرف واحد .
وإليك مثالاً آخر على الجناس الناقص:
قال البهاءُ بن زهير:
أشـكو وأشــكرُ فعـْلـه فاعجـْب لشـاكٍ منه شاكرْ
طرفي وطرفُ النجم فيـــــــــه كلاهما سـاهٍ وساهرْ
ففي هذا المثال ثلاثة أمثلة للجناس الناقص لاختلاف الكلمتين بحرف واحد:
فالأول ( أشكو وأشكر ).
الثاني ( شاك وشاكر ).
الثالث ( ساه وساهر ).
-وقال غيره :
( رحمَ الله امرأ أمسكَ ما بين فكيه ، وأطلق ما بين كفيه ) .
فالجناس هنا ناقص للاختلاف في ترتيب الحروف لااختلافها في النوع.
- ثم يأتي الجناس الناقص باختلاف ضبط الحروف
قال عبدالله بن أحمد الميكالي :
أنكرتُ من أدمعي تترى ( سَواكبُها) سلي دموعي هلْ أبكي (سِواكِ بها) ؟!
- وكقول الشاعر:
قد مدَّ مجدُ الدين في أيامه ..من بعض أبحر علمه (القاموسا )
ذهبتْ صحاحُ الجوهري كأنها ... سحرُ المدائن حين (ألقى موسى )
وليس المقصود بالمدائن هنا مدائن صالح إنما المدن التي جُمِع منها السحرةُ كلهم :
" قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين " .
أمثلة للجناس الناقص :
- قال تعالى فأَمَّا اليتيمَ فلا تَقهَرْ . وأَمَّا السائلَ فلا تَنهَرْ )-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غَفار غفرَ الله لها ،، وأسلمسالمها الله ، وعصية عَصت الله ) رواه مسلم .
- وقال عليه الصلاة والسلام الخيل معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يوم القيامة )
- قيل في موت أحد الكرام حين سقط من فرسه :
" إنا لله وانا إليه راجعون ، قتل الجوادُ الجوادَ ".
- قال ابن النبيه :
وتحت خيلِ القنا فرسانُ معركة ...... لها ثباتٌ وفي الهيجاء وَثـْباتُ
- قال النابغة في الرثاء:
فيالك من حزمٍ وعزمٍ طواهما ...جديد الثرى تحت الصفا والصفائحِ
وقال الشاعر:
عباس عباسٌ إذا احتدم الوغى … والفضل فضلٌ ، والربيع ربيعٌ
- وقال أبو نواس
مِن بحر جودك أغترف ..... وبفضل علمك أعترف
- وقال أحد الشعراء:
لَيْلَى ولَيْلِي نفى نومي اختلافُهما في الطـُّول والطـَّول طوبى لي لو اعتدلا
يجود بالطـُّول لَيْلِي كلما بخلت بالطـَّول لَيلـى وإن جادت به بخلا
وقال أحدهم:
ضنيت هوىً ولكنّي علوت فخرا .. فحبكم هو إعلالي وأعلى لي
وسر جمال الجناس إن الكلمة الثانية ترد وظاهرها أنها تكرار للكلمة الأولى, فإذا تأملت في معناها عرفت أنها كلمة جديدة فكأنك حصلت على كسب لم تكن تتوقعه !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق