تُعتبر أدوات التّشبيه أدوات الرّبط بين المُشبَّه والمُشبَّه به، ولا يتم التشبيه إلا بها، ولها دور خاص في استخدام التّشبيه، ومن المُمكن حذفها، ومن المُتداوَل في اللّغة بأن حذف الأداة أبلغ من ذكرها، تُقسم هذه الأدوات إلى ثلاثة أقسام، هي:
أن تكون الأداة اسماً: مثل (شبه، مثل، شبيه، مثيل) وذلك مثل القول: المرأة مثل الوردة.
أن تكون الأداة حرفاً: مثل حرف الكاف (ك)، و(كأن)، كالقول: محمدٌ كالغيث؛ فالأداة المستخدمة هنا لتشبهه بالمطر دلالة على كرمه، وعند استخدام أداة التّشبيه (كأن) فإن الواجب تقديم أداة التّشبيه وجعلها في بداية الجملة مثل قولنا: كأنّ زيدٌ أسداً.
أن تكون أداة التّشبيه فعلاً: مثل (يُشبه، يُماثِل، يشابه، يحسَب)، كالقول: صوتها يُماثل النغم؛ كنايةً عن أنّ صوتها جميل كالنغم.
أداة التّشبيه الكاف تعتبر أداة التّشبيه الكاف من أكثر الأدوات استخداماً في التّشبيه، والأصل فيها أن يأتي بعدها المُشبّه به دائماً، مثل قوله تعالى: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)
وقد لا يأتي بعدها المُشبّه به، مثل قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ)
فهنا ليس المشبه به الماء إنّما "نزول الماء:، فيعتبر هذا التركيب من المشبه به "مركبًا".
أمثلة على جمل تحتوي على أداة التشبيه (الكاف) الجملة حاتم كالأسد في شجاعته. عندما يتساقط الثلج تصبح الأرض كالعروس "أنا كالماءَ إِنْ رَضيتُ صفاءً" أحمد سريع كالفهد. أداة التّشبيه كأنّ من أكثر الأدوات شيوعاً واستخداماً في أساليب التّشبيه أيضاً، وتأتي عادةً قبل المُشبّه به، مثل قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ)، والتّشبيه بكأنّ له خصائص عديدة يُذكَر منها:
تفيد المُبالغة والتّأكيد. يكون الاهتمام الأكبر في الجملة عند استخدامها في التّشبيه على المُشبَّه. تتميّز كأن ّفي التّشبيه بأنّ المُشبَّه به من المُمكن أن يكون غير مُحقّق الوقوع أو مستحيلاً، مثل قوله تعالى: (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ).
أمثلة على جمل تحتوي على أداة التشبيه كأنّ الجملة كانوا مندهشين كأنّ على رؤوسهم الطير. كأنّك نجم في تفوّقك. "كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا" فَكأَنَّ لذَّةَ صَوْتِهِ وَدَبيبَها … سِنَةٌ تَمَشَّى فِي مَفَاصِل نُعَّس أنواع التّشبيه للتّشبيه أنواع عديدة في اللّغة، تختلف استخداماتها بحسب أنواعها، وهذا دليل على بلاغة العربية وشموليّتها، ومن أنواع التّشبيه في اللّغة:
التّشبيه المُرسَل: هو التّشبيه الذي ذُكِرت فيه أداة التّشبيه. التّشبيه المُؤكّد: هو التّشبيه الذي حُذِفت منه الأداة.
التّشبيه المُجمَل: هو التّشبيه الذي حُذِف منه وجه الشّبه بين المُشبَّه والمُشبَّه به. التّشبيه المُفصّل: هو التّشبيه الذي ذُكِر فيه وجه الشّبه. التّشبيه البليغ: هو التّشبيه الذي حُذِفت منه الأداة ووجه التّشبيه.
التّشبيه المُفرَد: هو تشبيه المُفرَد بالمُفرَد.
أركان التّشبيه للتّشبيه أربعة أركانٍ وأجزاءٍ رئيسة، وتوجد في كل جملةٍ تحتوي على تشبيه، وهي:
المُشبَّه: هو الطّرف الذي يُشبهه المُتحدّث بشيءٍ ما. المُشبَّه به: هو الطّرف الذي يتمّ تشبيه الطّرف الآخر به.
أداة التّشبيه: هي الحرف أو الكلمة التي يستخدمها المُتكلّم لتشبيه المُشبَّه بالمُشبَّه به، فتربط بينهما بعد أن يكونا مُتباعدين في الجملة الواحدة، وقد تُذكَر أو تُحذَف تبعاً لنوع التّشبيه المُستخدَم.
وجه الشّبه: هي الصّفة المُشتَركة التي تجمع بين المُشبَّه والمُشبَّه به، وتكون هذه الصّفة أقوى في المُشبّه به منها في المُشبّه، وقد يُحذَف وجه الشّبه أو يُذكَر بحسب نوع التّشبيه.
أمثلة على التّشبيه في القرآن الكريم يُعتبر التّشبيه في القرآن الكريم من أكثر الأساليب الموجودة فيه من بين باقي أساليب البيان والبلاغة، لما يوجد في ألفاظه من قدرة إيحائيّة، وما تحتويه مفرداته وتراكيبه من قدرة تصويريّة مُذهلة، فتأخذ القارئ إلى عالم يتخيّل فيه هذه الصّور بكامل تفاصيلها وأحداثها، ومن بعض الأمثلة على التّشبيه في القرآن الكريم: قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).
قال تعالى: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ*كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ).
قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
بلاغة فنّ التشبيه إنّ بلاغة فنّ التشبيه تكمن في ابتكار الألفاظ التي تربط شيئين مختلفين تماماً بعلاقة التشبيه التي لا تخطر على بال إلا من كان أديبًا وشاعرًا أو لمّاحاً دقيقًا مُرهفَ الحس ومتذوقاً للأدب، فيكون ذا قدرة على الربط بين المعاني البليغة وإنشاء صور وأفكار جديدة تُدهش المتلقي وتفتح له أفقًَا جديدًا بالتفكير، كما يتميز التشبيه بتفاوت مراحل بلاغته بحسب نوعه والأركان الموجودة في الجملة التي تحتوي عليه، إذ يعتبر التشبيه مكتمل الأركان مثلًا هو الأقل بلاغة، كما تزيد بلاغة التشبيه كلما كان الغرض المقصود منه أوضح مع المحفاظة على الإيجاز والبيان فيه، وهكذا تتفاوت درجة البلاغة وجماليّتها في التشبيه كسائر الفنون الأدبيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق