الحارث بن حلّزة - الموسوعة العربية للمعرفة

مقالات تشمل كافة مجالات الحياة لنشر الوعي و المعرفة

اخر الأخبار

الأربعاء، 22 يوليو 2020

الحارث بن حلّزة




الحارث بن حلّزة واسمه الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عبد بن سعد بن جشم بن ذبيان بن كنانة بن يشكر بن بكر بن وائل، من عظماء قبيلة بكر بن وائل، كان شديد الفخر بقومه حتى ضرب به المثل فقيل «أفخر من الحارث بن حلزة»، ولم يبق لنا من أخباره إلا ما كان من أمر الاحتكام إلى عمرو بن هند (في 554 - 569 م) لأجل حل الخلاف الذي وقع بين قبيلتي بكر وتغلب.
 توفي سنة 580 م، أي في أواخر القرن السادس الميلادي على وجه التقريب.
الحارث بن حلزة اليشكري، جدير بالذكر إنَّ هذا الشاعر الجاهلي هو شاعر من شعراء المعلقات العشر في الجاهلية، ومعلَّقته قصيدة طويلة نظمها على البحر الخفيف، وألقاها أمام الملك عمرو بن هند ردًّا على عمرو بن كلثوم، وقد سعى الحارث بن حلزة اليشكري في قصيدته هذه أن يدفع الأقاويل التي افتراها عمرو بن كلثوم على قومه.
وهي معلقة تتألف من خمسة وثمانين بيتًا من الشعر، كتبها بين عامي 554م و 569م، وقد تُرجمت هذه القصيدة إلى اللغة الفرنسية، وقد ذكر الشاعر في مقدمتها وقوفه على ديار أسماء ووصف الناقة وبكى على فراق الأحبة، شأنه في هذا شأن معظم الشعراء الجاهليين، ثمَّ بدأ بغرضه الرئيس وهو تكذيب أقوال قبيلة تغلب، ثمَّ افتخر بأهله من بني بكر، ثمَّ سعى إلى توطيد العلاقة بين بني بكر والملك عمرو بن هند من خلال مدحه والمرور على القرابة بين البكريين والملك، ويقول الشاعر في مطلعها:
 آذَنَتْنَا بِبَينِهَا أَسْماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ بَعْدَ عَهْدٍ لَنَا بِبُرْقَةِ شَمّا ءُ فَأَدْنَى دِيارِها الخَلْصاءُ فالمحّياةُ فالصِّفاحُ فأعنـا قُ فتاقٍ فعاذبٌ فالوفاءُ فرياضُ القطَا فأوديةُ الشُّر بُبِ فالشُّعْبَتَانِ فالأَبلاءُ لا أرى من عهِدتُ فيها فأبكي الـ يومَ دلْهـًا وما يحيرُ البكاءُ شعر الحارث بن حلزة اليشكري في ختام ما جاء من نبذة عن الحارث بن حلزة اليشكري، كان الحارث شاعرًا فحلًا من فحول العرب، وما تصنيفه مع شعراء المعلقات إلَّا دليل على شاعريته وقدرته الشعرية العالية، وفيما يأتي بعض قصائد هذا الشاعر الجاهلي الفحل: يقول الحارث بن حلزة اليشكري:
لِمَنِ الدِيارُ عَفونَ بِالحَبسِ آياتُها كَمَهارِقِ الفُرسِ لا شَيءَ فيها غَيرُ أَصوِرَةٍ سُفعِ الخُدودِ يَلُحنَ في الشَمسِ وَغَيرُ آثارِ الجِيادِ بِأَعراضِ الخِيامِ وَآيَةِ الدَعسِ فَحَبَستُ فيها الرَكبَ أَحدُس فِي جُلِّ الأُمورِ وَكُنتُ ذا حَدسِ ويقول الشاعر الحارث بن حلزة اليشكري أيضًا:
 طَرقَ الخَيالُ وَلا كَلَيلَةِ مُدلِجِ سَدِكًا بِأَرحُلِنا وَلَم يَتَعَرَّجِ أَنّى اِهتَدَيتِ وَكُنتِ غَيرَ رَجيلَةٍ وَالقَومُ قَد قَطَعوا مِتانَ السَجسَجِ وَالقَومُ قَد آنوا وَكَلَّ مَطِيُّهُم إِلّا مُواشِكَةَ النَجا بِالهَودَجِ ويقول الحارث بن حلزة اليشكري في قصيدة أخرى:
 لَمَّا جَفَانِي أخِلاَّئي وَأَسْلَمَنِي دَهْرِي وَلَحْمُ عِظَامِي اليَوْمَ يُعْتَرَقُ أقْبَلْتُ نَحْوَ أبي قَابُوسَ أمْدَحُهُ إنَّ الثَّنَاءَ لَهُ وَالحَمْدُ يَتَّفقُ للمنذرينَ وللمعصوبِ لـمَّـتُهُ أنتَ الضِّياءُ الذي يُجلى به الأُفقُ ويقول أيضًا:
أَلا بانَ بِالرَهنِ الغَداةَ الحَبائِبُ كَأَنَّكَ مَعتوبٌ عَلَيكَ وَعاتِبُ لَعَمرُ أَبيكَ الخَيرِ لَو ذا أَطاعَني لَغُدِّيَ مِنهُ بِالرَحيلِ الرَكائِبُ تَعَلَّمْ بِأَنَّ الحَيَّ بَكرَ بِنَ وائِلٍ هُمُ العِزُّ لا يَكذِبكَ عَن ذاكَ كاذِبُ
وأنشد الشاعر معلقته للملك عمرو بن هند رداً على عمرو بن كلثوم. وقيل أنه قد أعدّها وروّاها جماعة من قومه لينشدوها نيابة عنه لأنه كان برصا وكره أن ينشدها من وراء سبعة ستور ثم يغسل أثره بالماء، كما كان يفعل بسائر البرص ثم عدل عن رأيه وقام بإنشادها بين يدي الملك وبنفس الشروط السابقة. لما سمعها الملك وقد وقعت في نفسه موقعاً حسناً أمر برفع الستور وأدناه منه وأطمعه في جفنته ومنع أن يغسل أثره بالماء.
كان الباعث الأساسي لإنشاد المعلقة دفاع الشاعر عن قومه وتفنيد أقوال خصمه عمرو بن كلثوم. تقع المعلقة في خمس وثمانين بيتاً، نظمت بين عامي 554 و569 م. شرحها الزوزني وطبعت في إكسفورد عام 1820 م ثم في بونا سنة 1827 م. ترجمت إلى اللاتينية والفرنسية.
وهي قصيدة همزية على البحر الخفيف وتقسم إلى:
مقدمة: فيها وقوف بالديار وبكاء على الأحبة ووصف للناقة (الأبيات 1 - 14)
المضمون: تكذيب أقوال التغلبيين من (الأبيات 15 - 20) وعدم اكتراث الشاعر وقومه بالوشايات (الأبيات 21 - 31) ومفاخر البكريين (الأبيات 32 - 39) ومخازي التغلبيين ونقضهم للسلم (الأبيات 40 - 55) واستمالة الملك وذكر العداوة (الأبيات 59 - 64) ومدح الملك (الأبيات 65 - 68) وخدم البكريين للملك (الأبيات 69 - 83) القرابة بينهم وبين الملك (الأبيات 84 - 85).
وتعتبر هذه المعلقة نموذجا للفن الرفيع في الخطابة والشعر الملحمي وفيها قيمة أدبية وتاريخية كبيرة تتجلى فيها قوة الفكر عند الشاعر ونفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص وألوانا من التشبيه الحسّي كتصوير الأصوات والاستعداد للحرب وفيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي والخطابي في ذلك العصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق